الخميس، 4 فبراير 2016

علم نفس التسوق في المجمعات الكبرى

(سلسلة المقالات العلمية ) - المقالة رقم 7

علم نفس التسوق في المجمعات الكبرى
(Supermarket Psychology)  

عماد خليفة إدريس
هل سبق و أن دخلت احد المجمعات الكبرى للتسوق لتشترى بعض الحاجيات و خرجت بمجموعة هائلة من الأكياس و الأشياء الأخرى التي لم تكن بالحسبان !؟ إن كان هذا ما حدث معك فربما تكون قد وقعت فريسة بعض الخدع النفسية و الافتراضات التي تستخدمها المجمعات الكبرى لغرض إفراغ جيوب المتسوقين و يسمونها في علم التسويق بـ "علم نفس التسوق في المجمعات الكبرى" Supermarket Psychology  .
سأخذكم الآن في جولة في احد المجمعات الكبرى ، و أثناء جولتنا متابعين الأرقام في مخطط المجمع سنتعرف على بعض التقنيات و الخدع المستخدمة في عملية التسويق و التي من خلالها تزيد الشركات من شهية المتسوقين و ترفعها الي الضعف ليشتروا ضعف ما كانوا ينوون شراءه .



(1)
مغازلة في موقف السيارات
لعبة التسوق تبدأ حتى قبل دخولك المجمع . اعلانات التخفيضات و التنزيلات معروضة بلون أحمر فاقع ، بهذه الطريقة تصبح لدى المستهلك فكرة عن أن كل الاشارات و الاسعار المكتوبة باللون الأحمر هي أسعار مخفضة ، و عندما يدخل المجمع فإنه لاشعوريا سيتعامل بصريا مع اللون الأحمر على انه يتعلق بالتخفيضات و التنزيلات حتى و لو لم يكن هناك أية تخفيضات بالأسعار . إن مجرد إقحام هذه الفكرة في ذهن الزبون قبل دخوله السوق تجعله مبرمجا على التفكير بهذا الشكل .

(2)
تجول ببطء و اشترى أكثر
عندما تدخل المجمع مسرعا فإن تركيزك و تفكيرك يكون متناسبا مع سرعة تجولك في المجمع ، إنهم يريدون منك أن تتريث قليلا أثناء دخولك المجمع لأنك عندها ستكون فريسة لإعلاناتهم و يزداد احتمال إنفاقك لمزيد من النقود ، لذلك يجعلون المداخل في مناطق محشورة نوعا ما بأبواب صغيرة متعددة أو بوابات الكترونية بطيئة الفتح و الغلق و يعرضون البضائع الموسمية الخاصة بالمناسبات كالأعياد و الاحتفالات في طريقك ، و يستخدمون الموسيقى الهادئة لتهدئة مسيرك بمجرد دخولك المجمع .

(3)
اجعل المكان ودودا
جرت العادة على أن تجد في استقبالك في المجمعات الكبرى ركنا خاص بالزهور و نباتات الزينة ، الصحف و الجرائد ، التبغ و السندويتشات . إن ذلك يمنحك شعورا انك داخل دكان محلي صغير و يرفع من معدل بقاءك بالمجمع لإحساسك بالراحة و كلما مكثت اكثر كلما تسوقت أكثر ، و لهذا السبب كذلك  فإنهم يضعون الجناح الخاص بالخضروات و الفاكهة في ركن قريب من المدخل ليعطيك ذلك الشعور بالانتعاش و السعادة الذي تمنحه لنا رؤية الخضروات و الفواكه لارتباطها بالطبيعة و تنوع ألوانها و خاصة اللون الأخضر، و ارتباط ذلك بالصحة و التغذية السليمة . إن كل شئ هنا يتعلق بمحاولة صنع مشاعر معينة تبقيك وقتا اطول في المجمع ، كما أنهم يدركون جيدا أن الزبون عندما يشترى طعاما صحيا في بداية عملية التسوق فإن ذلك يمنحه شعورا بأنه يمكن ان يكافئ نفسه بشراء بعض الأغذية غير الصحية في نهاية عملية التسوق . 

(4)
إخفاء السلع الأساسية
لعلك تهت يوما ما في المجمع و أنت تبحث عن الحليب أو البيض أو اللحم أو الخبز ، و أثناء رحلتك تلك ستجد انك قد تجولت في كل المجمع و قد امتلأت سلتك بأغراض ليست في الحسبان ! تقوم المجمعات الكبرى بوضع السلع الأساسية في أماكن متفرقة و متباعدة من المجمع ، و تستغل الممرات المغلقة لوضعها فيها لأن الزبائن في العادة لا يدخلون الي الممرات المغلقة لاحساسهم بعدم الراحة فيها ، و عندما يتم وضع السلع الأساسية فيها فإن الزبائن سيجبرون على دخولها و الخروج منها و قضاء وقت أطول في التنقل بين زوايا المجمع للحصول على السلع الأساسية و لهذا السبب ستجد ان سلتك أمتلات بسلع أخرى . ما أن تخرج من مصيدة حتى تقع في أخرى ! بل انه في بعض المجمعات يتم خداعك بتغيير حجم بلاط الأرضية بحيث تكون أصغر في بعض الأماكن التي يريدون منك البقاء فيها فترة أطول حيث يعتقد الزبائن انهم يتحركون بسرعة فيخففون من معدل سرعتهم ! و حتى اتساع الرفوف المخصصة لعرض السلع يبقى الزبائن لفترة أطول نتيجة قيامهم بعملية مسح بصري بحثا عن السلع ، و بالتالي سيشترون بعض السلع الأخرى التي لم تكن ضمن مخطط عملية الشراء !

(5)
عروض خاصة
تشير الدراسات أنه من السهل إرباك الزبائن . في العادة فإنهم يستطيعون تذكر أسعار القليل من السلع التي اعتادوا شراءها ، و للتشويش أكثر على المشترين تعمد المجمعات الي استخدام سياسة العروض الخاصة ، اشترى واحدة و احصل على الأخرى مجانا ، ثلاثة بسعر اثنين، تخفيض 50% . الناس بطبعهم يحبون توفير الأموال ، و لكنهم في غالب الأمر فإنهم يحاولون توفير المال عن طريق إنفاق مال اكثر ! و ذلك غير منطقي ! فمثلا عندما يكون العرض اشتري قطعتين بـ 2 دينار عوضا عن قطعة واحدة بـ 1.25 دينار ، يعتقد المستهلك انه يوفر بشراء قطعتين عوضا عن قطعة واحدة و هي التي يحتاجها فقط ، إنهم في الحقيقة ينفقون أكثر ، و كنتيجة طبيعية لشراء كمية أكثر فإنك ستستهلك أكثر!

(6)
لعبة التركيز على الرفوف
بعض العلامات التجارية تدفع مقابلا للمجمعات الكبرى لكي تعرض منتجاتها في اماكن محددة في رفوف العرض ، حيث تشير دراسات التسويق الى أن الزبون يتطلع مباشرة إلى الرف الذي يقع في امتداد بصره ثم يبدأ المسح تماما و كأنما يقرأ أسطر كتاب أمامه . تلجأ مجمعات التسويق الكبرى الي عرض السلع ذات الأسعار الغالية على امتداد بصر الزبون لأن ذلك يرفع من معدلات مبيعاتها ، و حتى إن لم يشتريها الزبون فإن الدراسات تشير الي ارتفاع المبيعات بمجرد وضعها في امتداد بصر المستهلك حيث يقوم بمسح الرفوف و شراء الكثير من المنتجات أثناء إجراء المقارنات و البحث عن البديل الأرخص .

(7)
تسويق الكحول بالشعور المزيف بالنشوى
في مجمعات التسويق الكبرى التي تبيع الكحول ، يجعل القسم الخاص بالمشروبات الروحية في نهاية السوق حيث يقضي الزبائن نهاية وقت التسوق في شراء الكحول ، تحاول المجمعات اللعب بالإضاءة  الخفيفة بشكل عام و المركزة على انواع معينة من المشروبات الغالية في خدعة لإضفاء مزيد من القيمة عليها بجعلها مميزة عن غيرها من المنتجات ، الموسيقى تجدها هنا مختلفة حيث تستخدم في الغالب الموسيقى الكلاسيكية و كذلك قد تستخدم الأرضية الخشبية . يعرفون في المجمعات الكبرى ان القليل فقط قد يشترى النبيذ المعتق باهظ الثمن لذا يضعون بجانبه الأنواع الأقل سعرا و لكنها ليست رخيصة أيضا و قد وجدوا ان مبيعاتها تزداد فقط لكونها تعرض بجوار نبيذ غالي الثمن .

(8)
المجموعات المثالية
تصنف المنتجات بالمعارض وفقا لمجموعات يتم تحديدها بناء على كيف و متى و أين تستخدم ؟ على سبيل المثال يوضع الجبن قريبا من الزبدة ، و العسل قريبا من المربى و هكذا .. و قد تستخدم الملاحظة لسلوك الزبائن عند الشراء في اكتشاف علاقات غريبة بين بعض المنتجات ، فلقد وجد في بعض المجتمعات زيادة المبيعات من المشروبات الكحولية عند وضعها قريبا من حفاضات الأطفال ، و بدراسة هذه الظاهرة أتضح أن الآباء في العادة هم الذين يشترون هذه الحفاضات و إثناء شراءهم فإنهم يخرجون بالحفاظات مع المشروبات الكحولية التي يجدونها في طريقهم و لا يستطيعون مقاومتها !

(9)
الممر المزدحم
و يوجد في العادة في منتصف المجمع ، حيث يمر فيه أغلب الزبائن أثناء تبضعهم ، و قد تدفع بعض الشركات مقابلا مغريا لعرض منتجاتها فيه ، البشر يتصرفون بشكل مختلف في الأماكن المزدحمة و ينساقون وراء هستيريا المجموعة و يتسوقون بشكل أعمى و مبالغ فيه متى ما زاد الزحام ، و لعل ذلك يكون واضحا في المواسم و الأعياد .

(10)
المناطق الذهبية
جرت العادة على تسمية المساحات الصغيرة و الرفوف المنخفضة التي تقع قرب أماكن دفع المستحقات المالية (الصراف) بالمناطق الذهبية ، حيث يقف الزبائن في طابور لبضع لحظات ليقعوا فريسة المعروض في هذه الأماكن من شكولاته او مجلات و غيرها من الأشياء الصغيرة التي في العادة يشتريها الزبون و كأنه يكافئ نفسه على انهائه عملية التسوق بنجاح ، و جرت العادة أن تكون في متناول الأطفال حيث تساعدهم على بدء المفاوضات مع مرافقيهم للحصول على بعض منها .



كيف تخرج من عملية التسوق بأقل الخسائر ؟

  1. تحرك في السوق عكس ما هو مخطط له ، لقد وضعوا خطة لافراغ جيوبك تماما . تشير الدراسات الي أن التحرك عكس الاتجاه المحدد للتسوق في المجمعات الكبرى يجعل الزبائن ينفقون أقل .
  2. لا تتسوق و أنت جائع !
  3. قم باعداد لائحة المشتريات قبل مغادرة البيت و لا تأخذ معك نقودا اكثر مما تحتاج بكثير.
  4. اترك الاطفال في البيت .
  5. لا تنخدع بالإعلانات ذات الألوان البراقة و الأسعار الزهيدة . اشترى فقط ما تحتاجه .

المصدر : 
مترجمة بتصرف من صحيفة الدايلي ميل أون لاين من المقالة :