الخميس، 12 أكتوبر 2017

اجعلني ألمانيا (رحلة أسرة بريطانية للبحث عن سر ازدهار الاقتصاد الألماني)

اجعلني ألمانيا
(رحلة أسرة بريطانية للبحث عن سر ازدهار الاقتصاد الألماني)

الصحفي جوستن وأسرته في ألمانيا
يقضى البريطانيون ساعات أكثر من الألمان في العمل، ولكن إنتاجية الألمان أعلى واقتصادهم أقوى. للبحث عن أسرار نجاح الاقتصاد الألماني أرسلت قناة BBC  الصفحي جوستن رولت وزوجته بي رولت في رحلة الى إلمانيا للعيش تماما كما تعيش الأسرة الألمانية العادية وتم توثيق ذلك في الفيلم الوثائقي "إجعلني إلمانيا" .وكانت البداية بتركهما لابنتيهما الكبيرتين عند جدتهما في بريطانيا والسفر الي ألمانيا مع الطفلين الأخرين ليتلاءم ذلك مع عدد الأطفال في المتوسط للأسرة الألمانية والذي لا يتجاوز 1.4 طفل في الأسرة الواحدة.وهذه بعض الحقائق التي قاما بتوثيقها في شريطهما الوثائقي Make me a German والذي عرض في عام 2013.

تفاصيل الحياة اليومية

يستيقظ المواطن الألماني في المتوسط على تمام الساعة 6:23 صباحا ويخلد الى النوم الساعة 11:15 فهو يستيقظ أبكر من المواطن البريطاني ويخلد الى النوم أبكر منه كذلك. بعد استيقاظه فإن الرجل الألماني يقضى في المتوسط 24.6 دقيقة في الحمام في حين تقضى المرأة الألمانية وقتا أطول قليلا بما يعادل 28.1 دقيقة. ويرى الانجليز ان ذلك يعتبر وقتا طويلا جدا حيث لا يتجاوز مقدار ما يقضونه من 7 - 10 دقائق.
يحب الألمان الالتحاق بالنوادي المختلفة ويعتبرونها نشاطا أساسيا حيث يوجد أكثر من نصف مليون نادي في ألمانيا بمختلف الاهتمامات والتخصصات ويعتبر الالتحاق بها نشاطا اجتماعيا رئيسيا. كما يشتهر الألمان بإعادة التدوير ، حيث يتم تدوير أكثر من نصف النفايات المحلية وهى ضعف النسبة في بريطانيا. أكثر من نصف الألمان متدينون ويعتبر يوم الأحد يوم راحة تامة حيث تقفل كل المتاجر ولا يسمح بإحداث ضوضاء او جلبة كتنظيف الحديقة أو اعمال الصيانة في أيام الآحاد. الرقابة الذاتية عالية لدى الالمان بل ويقومون بتنبيهك إذا ارتكبت أي خطأ ويساعدونك على تصحيحه.
يدخر الألمان أكثر مما ينفقون . وبالعودة الى الأرقام فهم يوفرون 10% من ميزانية العائلة مقابل 1% مما يدخره البريطانيون، وبالتالي فإن البنوك الألمانية لديها رأس مال أكبر وأموال أكثر لتقرضها للشركات الألمانية مما يساعد على الاستثمار والتوسع، كما أن ما نسبته 9.1% من السكان هم من المهاجرين بالمقارنة مع بريطانيا والتي تصل النسبة الى 7.6% وأغلب المهاجرين من الفئة العاملة المنتجة التي تساهم في زيادة الإنتاج ودعم الاقتصاد الألماني.

العمل في ألمانيا

جوستن في عمله الجديد في مصنع أقلام الرصاص
يبدأ العمل في ألمانيا في المتوسط الساعة 7:49 ويستمر لمدة 8 ساعات من ضمنها ساعة الغداء، وذلك بمعدل ساعة أقل مما يعمله البريطاني، ولكن الإنتاجية أكبر من البريطاني. غير مسموح في العمل باستخدام الفيس بوك ورسائل البريد الالكتروني الخاصة أو تبادل الأحاديث الشخصية والنميمة أثناء ساعات الدوام. أكثر من نصف الشباب الألماني يلتحقون بنظام تعليمي حرفي في سن 15 ويحصلون على عمل في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث توظف هذه المشروعات ثلثي القوة العاملة في ألمانيا. ويبدو التركيز على التأهيل الصناعي في ألمانيا ناجحا حيث تحتل المرتبة الثالثة في العالم كأكبر دولة مصدرة في العالم بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية. روح الفريق في العمل عالية ويتم التركيز على العمل الجماعي أكثر من النتائج الفردية. يتقاضى العامل الألماني في المتوسط 2800 يورو وإجازة سنوية لمدة 30 يوم، كما يدفع ضريبة دخل، تأمين طبي، تامين على الحياة، مساهمة البطالة وتكاليف الرعاية الطبية. والعامل المتزوج الذي لا تعمل زوجته ولديها أطفال يتحصل على إعفاءات ضريبية وبعض المزايا الخاصة.

المرأة في ألمانيا

تشغل المرأة في مناصب الإدارة العامة ما نسبته 2% من الوظائف مقارنة مع بريطانيا التي تصل حتى نسبة 14% ، وبشكل عام فإن المرأة الألمانية لا تفضل الذهاب للعمل إذا كانت أما لأطفال صغار حيث تشير الإحصائيات الى ان ثلثي الأمهات الالمانيات لا يذهبن للعمل ، بل أن الأم العاملة تسمى الأم المهملة في الحياة الاجتماعية الالمانية، تمضي  الأم الألمانية الوقت مع أطفالها تعلمهم آداب المائدة والسلوك وفي المتوسط فإن الام الألمانية تقضى ما يعادل 4 ساعات و 10 دقائق من وقتها يوميا في أعمال الطبخ والغسل والتنظيف. ومن الناحية المالية للأسرة فإن هناك تفضيلا لعدم عمل الأم حيث تمنح الأسرة إعفاءات ضريبية ومنافع ضمانية. كما أن نظام التعليم يختلف عن بريطانيا حيث تبدأ المدرسة الساعة 8:00 وتنتهي عند الظهيرة مما يجعل من الصعب على الأم التوفيق بين ساعات العمل المتأخر وعودة الأطفال المبكرة للبيت. أما نظام الحضانة فهو نظام مختلف تماما ومتميز حيث تكون خارج المدن في نظام مثل المخيمات الكشفية يعتمد فيها الطفل على نفسه ويتعرف فيها على الطبيعة.

بنهاية الفيلم الوثائقي يودع جوستين رفاقه في مصنع أقلام الرصاص الذي عمل فيه ويقول له احد زملائه:" كنا نتمنى أن تبقى معنا لفترة أطول!" . لعله يستطيع إيجاد تفسير لماذا يعمل الألمان ساعات أقل من اليونانيين وينهار الاقتصاد اليوناني ويزدهر الاقتصاد الألماني.

الفيلم الوثائقي مع الترجمة العربية