الجمعة، 25 ديسمبر 2015

المؤشرات الاقتصادية للأسواق المالية

(سلسلة المقالات العلمية ) - المقالة رقم 5

المؤشرات المالية

عماد خليفة إدريس
لعلك - عزيزي القارئ - تشاهد بين الفينة و الأخرى بعض النشرات و الأخبار الاقتصادية ، في بعض القنوات الفضائية ، و قد جرت العادة أن يتم في نهاية النشرة استعراض سريع لبعض الأرقام و البيانات و التي تسمى " المؤشرات الاقتصادية للأسواق المالية " و يقصد بها المؤشرات المالية .  فما هي هذه المؤشرات ؟ و ما فائدتها ؟ و ما الذي تعنيه ؟ و كيف يتم تحديدها ؟
تقيس المؤشرات المالية المستوى العام لأسعار الأسهم في سوق الأوراق المالية  ، و تعكس هذه المؤشرات الحالة الاقتصادية العامة ، و تستخدم كأداة للتنبؤ بالأوضاع الاقتصادية المستقبلية و قبل توضيح فكرة المؤشرات الاقتصادية يجب أن نعرف ما هي الأسهم ؟  و ما هو سوق الأوراق المالية ؟


الأسهم و سوق الأوراق المالية
الأسهم هي عبارة عن حصص متساوية في رأس مال الشركات المساهمة  تطرح للتداول أي للبيع و الشراء من خلال عرضها في سوق خاصة تسمى سوق الأوراق المالية ( البورصة ) يجتمع فيها بائعو الأوراق المالية بمشتري تلك الأوراق و يتم تحديد الأسعار فيها وفقا لقوى العرض و الطلب  ، و تجدر الإشارة هنا إلي وجوب التفرقة بين الأوراق التجارية و الأوراق النقدية و الأوراق المالية ، فالأوراق التجارية و تطلق عليها في العادة ( الكمبيالات ) و هي تعهدات بدفع مبالغ معينة إلي أشخاص معينين في تاريخ معين ، و  الأوراق النقدية هي العملة النقدية التي تستخدم في التعاملات اليومية من شراء و بيع للسلع و الخدمات ، أما الأوراق المالية فهي تشمل السندات و هي عبارة عن حصص متساوية في قرض طويل الأجل بحيث يمثل مالك السند مديونية على الشركة المصدرة للسند و تلتزم الشركة المصدرة بدفع فوائد دورية مقابل ذلك مع دفع قيمة السند في نهاية عمر القرض . و النوع الآخر من الأوراق المالية هو الأسهم .  و تمثل الأسهم قدرا معينا من رأس المال يتم طرحه في البورصة  بغرض تكوين شركة معينة أو زيادة رأس مالها  ، حيث يستطيع كل شخص طبيعي أو اعتباري اقتناء هذه الأسهم و يكون مالكا في هذه الشركة بمقدار نصيبه في رأس مالها و له الحق في الاحتفاظ بها و الاستفادة من توزيعات الأرباح باعتباره أحد الملاك ، أو المضاربة بواسطتها في سوق المال للاستفادة من التغيرات في الأسعار ، أو عرضها للبيع في حالة احتياجه إلي سيولة .

كيف يتم تحديد المؤشرات المالية ؟
للوصول إلي الرقم الذي يظهر في المؤشرات فإنه يجب على كل بورصة اختيار عينة ملائمة تغطي كافة الأسهم المطروحة للتداول و ذلك من خلال معرفة الأسعار السوقية لهذه الأسهم  ، و التي تتحدد في البورصة وفقا لقوى العرض و الطلب ، و يتم اختيار العينة بشكل علمي و مدروس يراعى فيه أن تكون العينة ممثلة للشركات بالسوق و كلما زاد حجم العينة و تضمنت جزءا كبيرا من الأسهم في البورصة كلما كان المؤشر المحسوب ممثلا للسوق و يمكن الوثوق به و تتضمن العينة كل الأنشطة الاقتصادية إلا إذا كان المؤشر خاصا بصناعة معينة دون غيرها ، و توجد أكثر من طريقة لحساب قيمة المؤشر تعتمد في مجملها التعبير عن متوسط أسعار الأسهم سواء باستخدام المتوسط الحسابي أو المتوسط الهندسي مراعين في ذلك اختلاف أوزان الأسهم في العينة أو معاملتها علي اعتبارها أنها متساوية الأوزان ، كما أنه يمكن استخدام معادلة معينة لاحتساب المؤشر بطريقة الترجيح بالقيمة السوقية و يعني ذلك تحديد القيمة السوقية لأسهم العينة في لحظة احتساب قيمة المؤشر و قسمتها على قيمة العينة في فترة الأساس ثم ضربها في القيمة المبدئية للمؤشر و التي تكون في العادة 100 أو 10 و تكون قيمة المؤشر في هذه الحالة بالنقاط.
يجب على كل بورصة تحديد طريقة حساب المؤشر حتى تكون واضحة لجميع المستثمرين . ويتم استخدام المؤشر بالمقارنة بين قيمتين للمؤشر في لحظتين مختلفتين و من خلالهما يمكن معرفة نسبة الزيادة أو الانخفاض في قيمة المؤشر . فإذا كانت النسبة بالزيادة - مثلا - فإن ذلك لا يعني أن جميع الأسهم قد زاد سعرها و لكن يعني أن معظم الأسهم قد زاد سعرها و العكس صحيح .و لا يمكن المقارنة بين المؤشرات المختلفة للبورصات  و ذلك لعدم التجانس بين أرقام المؤشرات حيث تختلف اختلافا جذريا عن بعضها البعض من حيث أحجام العينات و طرق تحديد المؤشرات .


أشهر المؤشرات المالية
و من أهم أنواع المؤشرات و من أشهرها في أسواق المال العالمية الكبرى مؤشر " داو جونز " Dow Jones Index   و يصدر عن بورصة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية ، و مؤشر " كاك " CAC Index و هو مؤشر بورصة باريس بفرنسا ، و مؤشر " فايننشال تايمز " Financial Times Index و يمثل مؤشر بورصة لندن بالمملكة المتحدة ، و مؤشر " نيكاي " Nikkei Index  بسوق طوكيو باليابان ، أما مؤشر " داكس "DAX Index فهو المؤشر الخاص ببورصة الأوراق المالية الألمانية . و هناك أيضا مؤشر " فاكس " FAX Index  الخاص ببورصة فرانكفورت الألمانية .

تفسير المؤشرات المالية
انخفاض مؤشر البورصة يعني أن هناك هبوطا في حجم التعامل يتبعه بالتالي انخفاض في المستوى العام للأسعار نتيجة تفوق العرض على الطلب ، و يحدث ذلك في العادة عندما تتخذ بعض الشركات قرارات بتخفيض بعض النفقات ، أو تسريح جزء من العمالة ، حيث أن هذه القرارات تعني في الغالب أن هناك انخفاضا محتملا في الربحية في المستقبل ، مما يثير الشكوك لدى المتعاملين بهذه الأوراق فيلجأون إلى التخلص منها ببيعها ، في حين يحجم المستثمرون عن شرائها ، و بالتالي فأن أسعارها تنخفض . و على العكس من ذلك تماما فإن قرارات التوسع ، و فتح فروع جديدة ، و التوسع في تسويق المنتجات و الطلب على العمالة ، فإنها مؤشرات إيجابية تشير إلي توقعات جيدة بخصوص الأرباح في المستقبل و تؤدي إلي زيادة الطلب على الأسهم و بالتالي ارتفاع الأسعار نتيجة انخفاض العرض .
كما أن عرض النقود و معدلات التضخم و أسعار الفائدة والتغيرات في النشاط الاقتصادي و الظروف السياسية و التغيرات في أنماط الاستهلاك و المعيشة ، كل ذلك يؤثر على قرارات المستثمرين و بالتالي يؤثر على أسعار الأسهم . و الذي يجب أن نعيه هو أن المؤشرات المالية المنشورة في وسائل الإعلام ليست خاصة بشركة معينة ، و إنما هي تمثل البيئة الاقتصادية التي يتم فيها تداول الأسهم ، و تعطي مؤشرا عاما عن مدى ازدهار الاقتصاد أو ركوده ، و احتمالات استمراره في نفس الحال ، أم احتمال تغيره في المستقبل . و دائما التوقعات في الأمور الاقتصادية مهما كانت البيانات فيها دقيقة ، فإنها لا يمكن أن تكون صحيحة دائما ، بل أنها قد تنقلب تماما إلي عكس ما هو متوقع ، فالحياة الاقتصادية هي ليست فقط حياة رجال المال و الأعمال ، و إنما هي انعكاس للحياة الاجتماعية و السياسية بكل تقلباتها و تناقضاتها .